الأحد، 27 فبراير 2011
وتعود تغيب ..
يتعطر يومي كل صباح برحيق الشوق اليك..
وحين تهل لتهديني حضورك بعد غياب تمنحني كفك فأدفن وجهي وأغيب عنك في امان الإحساس مغمضة العينين راسية علي دفء الكفين هامسة :
احبك بحجم الشمس واكبر ..
فاسرقك ونمضي لنجلس بعدها في اعماق حنيني اليك اسرد لك تحت اشجار امانك كيف مضت الايام دونك فتوصيني بي خيرا اذا طال الغياب ثانية .
اوقفك أن اصمت .. لا رحيل بعد اليوم .
فتعود تغيب .. واشتاق واتمني ان يزور النسيان ذاكرتي لكنها تملك قدرة عظيمة علي الاحتفاظ بك ونظل انا والنسيان نعالج العطب فيها فلا ننجح ..
وتعود تهل فتهديني الحضور الانيق ثانية فأنسي الغياب الذي كاد يقتلني اهمس لك :
لا تغيب .. ونصمت وتهمس لي كاذبا لا شئ سيأخذني منك فيطمئن رعب قلبي مترقبا الرّحيل .
هذا المساء شئ ما يزحف علي روحي بقدميه يخنقني ..
اغمضت عين وجعلت الاخري ساهرة عليك.
كان صباحا مفاجئا فتحت عيني ملهوفة جزعة ..
لقد سرقت من علي الأرض ..
بكيتك سرا وجهرا لطمت الخد ولمت العين الساهرة عليك فقد رحلت علي حين غفوة منها .
انه الرّحيل الأبدي يفني الجسد وتبقي الروح ..
لقد رحل باكرا ولم يهتم بتوديعي .. ارعبني رحيله المفاجئ .
دعوت ربي :
أن يا الله اكتب لي النوم متدثرة بثوب الرّحيل اليه .
السبت، 26 فبراير 2011
لعـــــــنة العمـــــر ..
لا تأمني للذاكرة وتجعليها ارشيفا لذكرياتك فعمرها قصير ..
هذا ما قالته لي أم عزيز الأرملة ذات الأربعة عقود :
لا تُحسني الظن بها فهي توهمك بأنها تقوم بدور البطولة وهي الجزء الوحيد في جسدك الذي لا يخون احداثك الحلوة و المرة ويتنصل منها بينما هي مجرد صندوق يفرغه الزهايمر متي شاء ..
اشارت لي وهي تنتحب الي غرفة زوجها الذي يكبرها بخمسة عشرة عاما :
اطبق الزهايمر مصيدته علي ذاكرته بخفة وسرعة .. امتص دم الذاكرة بانيابه واضحت ذاكرته تحتاج الي دم جديد .
هجر كل عاداته كأنه ليس هو .. وانا فشلت في أن اكون مثله احدي حالات الزهايمر كي اثبت اننا مازلنا قيد الحياة واكسر قناعتي بموت ذاكرته ..
كنت أفكر بإلتهاب في الوقت الذي كانت هي تشكو اثار السنون علي جسد زوجها .. لا ادري الي اين وصلت لكني قاطعتها :
جارتي نحن نكبر والذكريات والتفاصيل القديمة تسحقها عجلة الزمن .. فكل الاشياء حولنا مع تقدم العمر تبهت ..
تصغر ..
وعقولنا التي كانت تتسع لابسط التفاصيل تضيق ..
سألتني لاهثة من ذا الذي جعلها تضيق ..؟
من ذا الذي جعلها تبهت ..؟
مسكينة أم عزيز الخاتمة التي كتبت لزوجها قد اشعلت فيها من الرفض ما لاترغب ..
قلت انا التي تاهت بي التفاصيل حتي طننت اني أصبت بدوري به وحركت قدماي راحلة عن بيت الزهايمر هذا :
انه لعنة العمراعمارنا التي خلق الله لها الدنيا واسعة .. يأتي وقت لا تعود فيه تمشي خطوات اضافية..
لا تتخيلي انها حياة بلا انتهاء هاهي النتيجة امامك :
رجل بلا احلام ..
بلا خطوات ..
بلا أمنيات ..
بلا ذاكرته التي كانت تتسع للفرح للأمان ..
تكبر الدنيا لكن نعود نصغر نحن .
الخميس، 24 فبراير 2011
انا وحسن الشاطر
قالها ومضي :
انتي أنثي بطعم القرنفل الذي احب وزهر الربيع ..
فلا جدوي من ان لا اغار عليك ..
كوني أنثتي التي تؤنس وحدتي ..
لم ادري حينها معني الشوق .. معني الانكسار .. معني الحب من طرف خفي ..
مضيت بدوري لا احفل به .. فكثر هم الرجال .
رددت اكثر من قلب ..
رفضت اكثر من باقة ورد ..
واغلقت اكثر من باب ..
ولحظة ذبل القلب احتجت لنار تضرمه .. تذيب جليده المتحجر ..
وصرت اسقي الورد في انتظار من يقدمه لي ..
صرخ بي الاحساس :
كفي .. لو تدري كيف سرقتي مني العمر تتدللين ..
وكلما سألتك تتعذرين ..
اليوم لن تفيد الأعذار فات الآوان ذبلت العينان ما عاد سحرك يملأ المكان ..
الوقت وحده عرف كيف يسطو عليك .. الزمن ايضا عرف كيف يحفر ليظهر تضاريسه فيك ..
تجولت في ميادين الذكريات ابحث عن بقايا قلب ينتظرني .. لم اجد تذكرت وعد جدتي في ثنايا الحكايات :
سيأتي حسن الشاطر وستدلين له بضفائرك ليتسلق الي علاك لم ادري حينها اكذبت جدتي أم خانني حسن الشاطر وتأخر عن الموعد ..
اصدقك القول جدتي :
فمن حينها وانا في انتظار حسنك الخرافي هذا الذي لم يكن من واقعي عاش في احلامي وحكاياك التي غابت معك تحت الثري ..
الأربعاء، 23 فبراير 2011
زمن مضي
هي والريح خصمان لا يلتقيان ..
الم تذري ياريح كل الأماني التي جلست تنسجها حتي تعبت اناملها من حياكة كل الحيل التي تقي القلب منك ..
كي لا تتغلغلي الي الشرايين فتسحقين عهدها به ..
وما أن تنتهي تجدها ليست علي مقاسات القلب فتعود تنكفي لتحيك سواها حتي مضي بها الزمان..
وذات ذكري ارسلت قلبها الباكي يسأل قلبه :
هل مرّت بك احدهن لتستوطنك من جديد وهل صمدت لريحها ام غالبت ..
حدثها قلبه وبكي :
انا الذي قضيت السنون اسد منافذ الريح ..
وحين تعبت جلست لأستريح فإذا بالريح تفتح الباب لتدخل وتأخذك بعيدا..
لقد اطاحت بعهدك به ..
انا الذي توسدتك حرا وبردا ..
غفوت قليلا وحين صحوت اراك تفلتين من بين ثناياي ..
واكتشفت مؤخرا اني في حالة حب ..
فلا تعودي تطرقي الأبواب بقبضة نادم ان شئت النصح .. فقد اغلق دونك كل المنافذ والحيل التي اتبعتها لابقي عليك فيه وبه ..
وقد سقي الذكريات بماء ملح فماتت محترقة وضاعت جهودي في إغاثتها ..
عادها القلب تدفعه الريح وفمه ملئ بالمرارة التي ملئت عمرها بحاله ..
الاثنين، 21 فبراير 2011
الرّحيل المر ..
الحزن وحده وبايقاعه الرتيب يعزف في فضاءات امسياتهم الحان شجية ..
كل هذه المساحات الشاسعة الواسعة وليس لهم مكان دائم يسندون رؤوسهم عليه ..
انهم المتشردون ..
البائسون ..
لنقل المعذبون ..
الهائمون علي وجوههم :
بدون زاد ..
بدون مأوي ..
بدون حب .
يستشعرون الالم يتذكرون أنهم وحدهم يسيرون في الطرق الوعرة ليشقون طرقا جديدة .
الحياة تضطرهم السير علي اشواك القلق والمجهول .. تفجر في رؤوسهم عوامل غريبة عليها يتمنوا ان يخرجوا من هذه الدنيا فلا يعودوا اليها ابد .
انهم يعيشون الحياة كمن حبس في عمق ماء حتي احتبست الانفاس فاضطر الي الصعود .. لكن هنا كان الصعود الي الشارع مرة أخري وعليه فيه ان يعيش يفكر ويتأمل كيف فرض عليه الارتداد والحبس في اطار الشارع الغابة والي اين سيرسو به المطاف ..
ويظل صراعهم مستمرا مع البيئة ..
مع الخوف ..
مع التحدي والمغالبة ..
والعراك المتواصل مع الكفاح في حياة الذل التي تستشعر وتنتظر ان يمسح القادرون علي رؤوسهم .
كل هذا الذل وذاك الخوف سينجلي لو نحن ربتنا علي الكتوف مادين لهم لقمة عيش بيد ..
ومقدمين باليد الأخري مأوي نظيف يقيهم الحر والبرد .. وحرفة بسيطة تقيهم الجوع والتشرد .
الأحد، 20 فبراير 2011
الماء الصافي ..
جاءتنى تبكى وقالت :
يتهمونى بالغرور ..
باللآمبالاة
قلت لها :
يابختك مازال هناك من يشتغل بالناس يأكل لحمهم ويستحوذ على سيئاتهم ويعطيهم حسناته
هه ـ ضحكت ملء فمها ورجعت أدراجها وهى لا تحمل عبء لقد خففته عنها
...ارأيتم الأمور ابسط مما نتوقع
علنى أصحو على خبر أن العالم أصبح مثالى بعض الشئ وأن هناك ضجة إعلامية فى عالم الجريمة لآن أحدهم تعرض للآخر ورشقه بالماء الصافى
ليسامحني الله ..
أطل بوجهه الذى يعلوه الدرن وذراعه المبتور من نافذة الميكروباص
مدت يدها أعطته جنيهاً
هالها ..
أفزعها ..
.. فيده مجزومة
تناولت من حقيبتها منديلاً مسحت أناملها حدقت بعيداً وبإلتهاب كانت تفكر فلم تكن واثقة من أن الله سيسامحها على فعلتها تلك فأنبرت فى خاطرها تقفز هواجس وأضحت تقول
لو لم تكن النفس البشرية (تعاف) وتشمئز من شئ يدعى (العدوى) لو لم يك...ن للمرض سلطة على الجسم
لو .. ولو ويا حبل الأمانى الكاذبات ليسامحنى الله
عبوديتي للماء ..
يا سيدهم :
اليوم اختلس هذه الأسطر خلسة وراء ما يدور حولي من أحداث لأكتب على ضوء ذكراك وقد أفلتت مني المشاعر حافية على الدرب..
تروح ثمة تطلع الى الدرب بشوق فيه إلحاح بالنسبة الىّ أنا التي ما كان غياب فرد عن حياتي يثير قلقي وحنيني ..
انه الليل وعبثاً أنام .. بإلتهاب كنت أفكر فيك .
...فقد تغير العالم ولم تتغير أنت مازلت أرتدي معطف إحساسي بك ..
كنت أنت الماء ..
وأراني أنا الكأس ..
كأس وضع أسفل صنبور ماء وبدأ الصنبور يرسل قطره وكلما هطلت قطرة إمتلأ الكأس إحساساً لكنه يثقل عليَ .
نعم يثقل كاهلي يجعلني لا أحتمل هذا العبء..
وانت لا تدري أنك تنسكب فى داخلي..
...إنه قلبك الطيب ..!
الآن وبعد مرور أعوام أجدني أسكب الماء أتخلص منه ..
أسكبه بعيداً ..
لأتحرر من عبوديتي للماء .. لا أستطيع العيش من دون قطرك لكنه يبللني ويجعلني هشة أمامك .
لسعة غيرة ..
تملكتها الغيرة من نزواته الكثيرة التى لم يتركها بعد الزواج هرعت الىّ تقول:
يا صاحبة القلب الكبير ضاقت بيا الدنيا رغم اتساعها .. فزوجى يخوننى
أجبتها:
الذى أعرفه أنك لم تتزوجينه عن قصة حب والغيرة من دواعيها الوله الشديد..
إبتسمت نصف ابتسامة وهى تتهكم لتقول:
العشرة والمودة والرحمة التى أنزلها الله فى قلوبنا ساعة قراننا..
قاطعتها هذا ليس مدعاة للغيرة فأتركيه ولا توجعى قلبك..
جالت ببصرها ثم عادت لتقول:
نغارعلى أشيائنا القريبة الى أنفسنا والبعيدة عنا بحكم ملكيتنا لها ..
وقد صار بعد 30 عاماً من ضمن أشيائى القريبة التى أغار عليها والذى يطمع في الاقتراب منها يُحرك سهم الغيرة فى قلبي..
يطحننى بين حجرى رحيّ..
يعتصرني كليمونة .. فلا جدوي من أن لا أغار..
رغم أنه ما ينفك يخونها كل يوم لكنه زوجها.. أدركت كم هى محقة تلك المرأة .. وكم هو متعبُ ذاك القلب..
وكم على مواساتها لترميمه .. فأشياؤنا أولى بها أن لا تُبارحنا.
الموت حزنا ..
جاءته تطرق بابه .. وكم رغبت أن لا يكون موصدا .
ارادت ان تعيش احساسها بالهوي في قربه..
تحدت به العالم وقالت انها تهواه..
وهي معه تاهت بها الاماكن ونسيت معه العمر والزمان والتفاصيل .. ومضي بها الوقت كأنه ثواني .
لكن اتت كل الاكتشافات مباغته لها ..
احست انها الفريسة التي وضعت لها قطعة الجبن في مصيدة الحب تحت غطاء ناعم الملمس ..
كان الاختلاف بينهما .. أنها طرقت الباب تريد الدخول جهرا .. لكنه طرق الباب يريد الدخول من النافذة ..
حينها عند الاكتشاف تأكدت أنه غير الحب الحقيقي الذي تطلبه ولكن كان قد فات الاوان وقد سري في اوردتها كالريح واشتعل كعود الكبريت ..
قطعت البحر علي امل ان يكون في الضفة الاخري قلبه فكان ثمن الابحار باهظا جدا وطريقا قصيرا الي الموت حزنا وصمتا ..
سمعت صوته ورأت اصراره علي الهدم قبل الرحيل ..
خلطه بين الحب وبياض التفاصيل ..
تلونه في عينيها حد الخديعة ..
تزخرفه لقلبها حد الغش ..
تنازله عنها كمن يتنازل عن حذائه ..
جرها الي بحوره واغرقها به فصارت به تصارع الغرق..
ذات فجر..
تذكرت جدتي ذات فجر وقد بدأ القمر حينها يفقد السحر الخرافي ليتعري ويكتسب اصباغه أيذاناً بظهور الشمس المشرقة والدفء..
فهي دوماً تغريني بعبارتها المحبوبة لدي : سأحكي اليوم حكاية ..
كنت أعدها أن لا انام ..
وعلي صوتها وعالم الحكايات الساحر كنت اتثاءب ثم تنطبق الأجفان وفي منتصف الحكاية اكون قد نمت ..
ذات ليلة انذرتني بألا تحكي لي شيئا ان غفوت وتركتها لتكتشف في الآخر انها تحكي لنفسها ..
ضحكت ملء فمي من هذه الذكريات وقد مرّ وقت طويل لم استلقي بجارها لتحكي لي حكاية..
فجأة وجدتني اهرع اليها لتحكي لي حكاية دون أن انام ..
وعدتها اني سأكون مستمعا جيداً .. فتحت لي ذراعيها وقلبها الكبير وشرعت في سرد حكايتها تقول :
اعلمي أن سحر الحكايات مرتبط بضوء القمر ويكتمل بصوت المؤذن الجميل عند الفجر انه صوت السلام النفسي الداخلي ..
اجبتها :
قاسية هي الحياة يا جدتي حين نضطر الي النهوض باكرا ..
انتهرتني معاتبة :
لكن عند الفجر يكون البشر اكثر صدقاً ينسلخون من اثوابهم البالية ليلا فينهضوا لاداء صلاة الفجر..
ليلتها التقط منها عبارة او عبارتين لا ادري وبعدها بدأ رأسي يلتوي علي كتفها ..
ومن جديد راحت تكتشف أني نمت وانها تحكي لنفسها ..
الفقر وحش حقيقي ..
عبارة حارقة قالها لي أحدهم اثناء تجوالي في عالم المتسولين .. وراح يسرد لي قصته مع السبع ..
نظر اليّ مغضباً .. ساخراً وتساءل :
امازلنا نحيا الحياة ..؟
لقد خرج عليّ السبع ذات يوم وانا في البيت ..
دهشت وقلت سبع ..؟
قال نعم سبع .. وعندما هاجمني وليت منه هاربا من البيت فلاحقني وركض ورائي ..
صرخت فزأرتسلقت شجرة في الطريق .. فربض لي تحتها مكثت .. مكثت ومكثت وفي الآخر لم احتمل خارت قواي وسقطت فهجم عليّ ..
صحت أكلك ..
ــ نعم أكلني ..
ــ لكنك لا تزال حيا..
ابتسم وتساءل : احيا ..؟ اهذه هي الحياة في نظرك .. أن نربض ساكنين مستسلمين لقوي تسلبنا الحق ..
اليس من المصلحة المشتركة في مجتمعي ما يكفل تأمين أوضاع أولاد الشوارع المتسولين مثلي ..
اليست هناك عيونا تدمع لأجلنا ..؟
اليست هناك أيدي تربت علي اكتافنا ..
فارقني ساخرا :
لم اقصد السبع الوحش الحقيقي .. انه وحش روؤف ..
فهمت من كلامه انه يقصد الفقر الوحش الحقيقي..!
اوجاع ..
ام الهنا جارتي الارملة ذات الخمسة عقود .. تحس بالاحداث قبل وقوعها تري ولا تتكلم ..
حدثتني عن صنوها وكيف أحست بالفضاءات رمادية والريح غبارية يوم رحيله ..
وما كانت الجهات معروفة لديها ففي اعماقها سكن احساس لم تدري كنهه حينها ..
لكن عندما انكسرت بوصلتها وهو يغادرها علمت انه الاحساس بمن تحب حين اقترب منه خطر الموت ..
دعوتها متوسلة :
تعايشي مع قدرك .. مع وجعك فإن ما تبقي لك هو الكفاح لاجل ذاتك فالاموات يعيشون في الذاكرة فقط انهم من الماضي والماضي بيته في الذاكرة ..
قاطعتني مستسلمة :
الصدمة التي تجعل البشر يفقدون الذاكرة لم تسلبني ذاكرتي به ..
لا تتوهي بي وتنبهيني أن عليك ان تتعايشي مع القدر الذي في رحب سلطته يحوي كل ما اكره من ذكريات يوم رحيله ..
فلكم هم سعداء الذين يحيون ولا يتذكرون ..
هم ابناء الحاضر .. فقط يومهم هو حاضرهم ..
لم اشأ أن أثقل عليها انا التي جئتها مواسية فقط عليّ أن اجعلها تؤمن بأن الحزن لدي الجميع توحده العواصف وهذا هو قانون الحزن في الحياة ..
نقترب لتبعد .. ونبني لتهدم ..
هذا هو التناقض الذي يصاحب البشر في مسيرة الايام .
ذات ضعف ..
الضعف هو العجز ..
التردد ..
الانكفاء ..
السلب في الفعل الانساني ..
تباً لنا من بشر ننزوي لحظة الضعف نبحث في الظلام عن كف تحتوي كفنا ..
وان كانت غير آمنة الكف التي إن لم نذهب اليها نحن لا تأتي ابدا..
نجعلها ملاذا لنا ونتوسدها ويغيب العقل عن الحقائق ومعمياتها ..
ويتراكم الرماد علي الضعف الذي بداخلنا لكن لا يبلغ أن يطفئ الجذوة التي تحته ..
فالخوف من الحاضر والماضي هي الجذوة المشتعلة دوما في داخلنا والتي لا تنطفئ ابدا ..
هكذا يكون العاجزون يختارون العيش فوق فوهة البركان لكن يغلقون آذانهم ..
ويشتهون العاصفة لكن إذا اقتربت ناحوا كالطيور ..
ولا يملكون القدرة علي وضع يدهم علي الجرح .. ولا يملكون القدرة علي القول بأنهم جرحوا..
ولا يملك الضعف فيهم سوي الهرب .. ويبدأ الخوف في التمدد فيشتهي ايقاظ الشجاعة الهاجعة تحت الجرح ..
ويظل الحوار مفتوحا داخل الذات من يخلصنا ..؟
كيف المواجهة والرأس مطمورة بالرمال ..؟
ومع أن جانب الضعف سيظل نديما للبشر الا أن السكينة تسعي دوما للتدفق رغم النار التي تكمن تحت الرماد وفي الآخر هي السلام والآمن للبشر ..
الآوان قد فات ..
العمر والزمن لا يتوقفان ..
عبارة كررتها بالأمس كثيرا في حديثي مع احدي السيدات المتصابيات ..
ونقلت لها تسور دهشتي بالصمت كل يوم وانا ارقب التحول الذي يطرأ علي هيكل الانسان منا والأيام تتلاعب به جيئة وذهابا ..
بالأمس كانت في العشرين واليوم في السبعين عليها أن تعض بالنواجز علي السنون التي مضت دون نتائج..
اصبحت ايامنا تتسرب كالماء من القربال لا نستطيع الاحتفاظ بها سوي لحظات ..
لا يجب أن نقلد الطاووس ونختال فرحين بالشباب فالعمر لا نستطيع حبسه في اكفنا..
عبارة الآوان قد فات التي اتسعت مساحتها بداخلي اصبحت يقينا لديّ بأن الزمن لا يستعاد ..
لكن ارجع واقول :
الفصول الأربعة هي الفصول الأربعة تعود هي نفسها في كل عام ..
وأعود اضحك من داخلي واقول :
حتي الفصول الأربعة تتغير فيها المشاعر والمودات .
غريب أمرنا نسعي وننذر عمرا طلبا للنماء والتطور.. واذا ما لحق التطور بعمرنا اقسمنا بأننا ما طلبناه ..
واذا ما حطّ بنا عند الشيخوخة نجلس نرنو الي ما مضي من عمر كنظرة باشق اعياه النهوض الي سُمّانة في السماء العالية.
واخيرا ...
كل هذا الشرح مني لتمسك بطرف الخيط وتصل الي أن العمر امتطي بساط شبابها بغير رحمة ومضي بها بلا هوادة .
همس القلوب الواجفة ..
اذا كان الالم يصقل وينمو ويتجذر في الذات ..
خصوصا عند ذوي النفوس المرهفة ويعكس الواقع ..
نجده في الاتجاه المعاكس للحياة يدمر ويوجع ..
يوغل في القلب حتي أقصاه ..
يضغط اكثر علي القلب فيبكيه..
حتي متي هذا الرحيل نحو الألم ايتها القلوب البشرية اما آن لك أن تستريحي..
اما آن لك أن تتسعي فهذه الحياة اضيق من قبر .. ان لم تتسعي انت لا محالة ستسحقين..
ـــــــــــ
باغتني القلب فجأة ببكاء انتزع مني شهقة عالية وقال:
من الذي ناول صيادي سهما وقوس وقال له:
ارشق هذا القلب حتي تنثر دماه ..
من الذي شحذ لصيادي السكين وقال له :
انحر بوابة القلب واجعل كل من يدخل منها ويخرج بلا ملامح .
بإصرار لاهف كنت انا القلب المجروح أجاهد لمقاومة الصياد فتارة اقع في الظلام وتارة اخرج للنور ..
وانت تنامين نومة اهل الكهف عن عمد واليوم الي اليقظة تتوقين ..
لقد غسلتني مرارا وتكرارا بمياه غدير باردة كي تنسي وجعك ..
وعند اول غطاء هش من القش يغطي حفرة عميقة لا غرار لها تقعين ..
لاتعودي تلومي القلب فأنت من هيأ له الخطو ونحو ما تطلبين زحفتين ..
حكايا الجدات ..
عند رئة المدينة كل يوم أشاهد الهاربون من سجون المدارس .. من سجون زوجاتهم .. من الحياة اليومية الرتيبة ..
عجيب أمر هؤلاء البشر .. حين تتعب خطواتهم ويتثائبون عند نهاية المطاف تنام احلامهم ..
مطلبهم الدائم الخبز والأمن ..
ـــــــــــــــــــــــ
اخبرني صديق لي بأن جدته عندما وافتها المنية همست في أذنه:
ليس الموت هو الصعب يا بني الحياة هي الاصعب ولم تكمل جملتها هوت بين يديه دونما صرخة .. وقد كان لها رائحة موت عذبة .
وعندما نقلت الخبر الي جدتي أخبرتني :
قبل كل موت تكون هناك دوما علامة نبوءة هل تصدقين؟
ومع انني بشر وأصدق المصادفات وأؤمن بالاقدار المكتوبة في صفحات حياة الانسان وموته ..
الا أنني لم اعر حديثها انتباه لكني فجأة تذكرت أنني وقبل وفاة والدتي حلمت بأنني أهوي فوق غابة من الرماح التي اخترقتني ..
وقبل وفاة شقيقي بيومين دفنت قطتي الاليفة ..
بدأ لي من حينها بعد حديث جدتي وجدة صديقي .. أنني أفهم اكثر في التعبير عن الأحاسيس والاضطرابات التي تغزو فراغات ايامي واحلامي .. والتي لم أكن اجد لها تفسير من قبل .
ما اقساك ..
اتسلل بين الحروف فأندس لأسرق منها بعض النبض ..
على الرغم من علمى بأنك أُمي لا تقرأ ولا تكتب ..
أكتب لك ويقيني أن الحروف التى أكتبها كى تمنحني الدفء لا تصلك ..
عندما يشتد بى الحنين فأبحثُ عن حرف يحتوينى .. حرف تتحرك ايماءاتى حوله فتنزف حزناً ..
ويأخذنى الحنين اليك .. فلا يجد أرض تقله ولا سماء حينها أتمني صدفة قديمة تأتي بك ليقيني بقدرة الحب..
فغيابك لا يكتب ولايقرأ ولا يوصف ..
وحياتي فصول مبتورة .. تارة اعيشها الاربعة دفعة واحدة وتارة أفقد القدرة على العيش..
تمنيت أن أصحو يوماً ولا أجدك في ذاكرتي .
مازلت انتظر الأجمل ان يأتي منك ..
والأصدق أن يبدر عنك ..
فكم طرق الحب بابي ولم افتح له .
ظننتك ستبادلني العطاء ستمنحني الكثيرمنك .. لكنك سرقتني ولم تعدني ..
سافرت فى قلوب الكثيرين .. لكن قلبي لا يتسع الا لك .
ما أقساك فقد غادرت ولم اراك .
حالة فقد ..
كيف سقط من عينيا أنا التي قضت العمر كله ترنو نحوك وعندما وصلت اراك تسقط ..
عجباً ...
فقد خبأتك فى الحنايا فكيف سقط .. وكان لسقوطك صوت مرتفع ..
صدقني لم اتعمد كسر الكأس وسكب ما بقي فيني من احساس ..
وحدك تعمدت كسر الكأس ..
فتحت لك باب القلب فى لحظات الحب الصادقة .. ووهبتك السُكني فيه والامان بلا تردد واغمضت عينيا علي حلم جميل بك ولك ومعك ومن اجلك في طياته :
الفرح ..
الخيال ..
الحنين .. الذي يأحذني كل ليلة ..
أيها الحنين كم تُهت معك ..
ولكم هزمتني ..
ولكم باغتني ..
وفجأة استيقظت علي واقع لا يحتويك ..
وفجأة اوقعتني في لجة الآلم ..
وفجأة أرجعتني الى الذات نادمة .. طاوية لصفحات كتاب عمري معك ..؟
اذا شئت نُصحي فلا تطرق علي ابواب الماضي بقبضة نادم .. تريد احياء الحب الميت من جديد ..
فأنا فى قمة نسياني .. ووجودي لم يعد بحاجة لوجودك ..ِ
نعود نبكيهم ..
قالت صاحبتي :
لقد سلب احساسي الجميل وخذله بقسوة ورحل كأن شئ لا يعنيه.. تخبط في احساس فاشل فلا أنا كرهته .. ولا أنا نسيته .. ولا أنا احببت سواه .. خلف خلفه الفراغ والفراق ..
وها قد عاد فكيف استقبل عودته هل افتح له دكة القلب من جديد ..؟
قلت :
لا تنظري خلفك وامضي في الطريق المعاكس لربما هناك قلب طيب ينتظر قلبك .. يستحق قلبك ..!
فالاحلام تتكرر .. لكن العمر لا يعود الي الوراء..
أعيدي ترميم مدن احلامك وطلاء قلبك بأحسن الالوان .. أعيدي ولادتك من جديد ..
بدلي العطر ..
اغلقي الابواب دونهم .. لا تفتحيها الا للذين يستحقون ..
ترقبي شوق جديد ..
غادري المحطات التليدة ..
فالبعض يحبك لأنه لم يجد سواك ..
فحاجته للحب دفعته نحوك .. وسعيك صادقة لمنحه بعضك سيخزلك فيه الواقع ..
وستخونك التوقعات التي رفضتك ..
قالت :
سأُعيد اكتشاف نفسي واقنعها بأن هذا ليس آخر المشوار..
بقايا أمنية ..
فاجأني قلبي اليوم بدقات ..
هربت من تفسيرها ولم اشأ اعلان نبأ هذه التضاريس فلوحت لها مودعة ..
هل استطيع ان افسح لها في حياتي مكان وان اضع رجل جنوني في قارب واقول له الوداع علي ايام هواك ..
هل آن أن تخرج ايها الذي سكن ذاكرتي .. هل أُطعم بقاياك افواه الحاضر واشطب الامس ..
احتاج الكثير من الوقت والجهد لاشهد تفاصيل قطعك من اوصالي ..
احتاج الكثير من الجهد والوقت حتي اصير عاشقة مرة أخري ترقص وتغني وتشتاق..
احتاج أن أُهئ لك الطريق لترحل فلا تتشبث بي ما عدت الأثيرة ..
ولا تحفر أعمق في الذات فليس لزاماً عليّ أن أظل تابوتاً معتقاً يحوي كل تفاصيل هواك ..
فما عاد القلب صادقا منذ زمان وقد سحقته الجراح واحرقته واعتصرته ..
فالتواطؤ من كل الجهات قلبي يطلب حقه من:
الحلم ..
الفرح ..
الحب..
وعهدي بك انتهي ..
الان سأحرق كل التفاصيل المؤلمة بعد أن اكتشفت أن ليس كل ما تبعثر يمكن جمعه..
وأن نجحت اخيرا بعد محاولات مستميته في التخلص منك ببراعة كاملة وتامة سأعلن الحب علي من سواك ..
ليل مضي ..
انه الليل وكل ليل مررت فيه بخاطري عبثاً أنام ..
انه الحنين يقف بيني وبين أن انام ..
يقف عائقاً بيني وبين الهجران ..
ويغيب ليل ويأتي آخر .. وحدك تبقي ..!
لكن يظل اجمل مافي الليل أنه لايحملني الا اليك ..
ويمضي مسرعاً بي .. فرحا بنيران ثورتي ..
ـــــــــــــــــ
ليلا ما حلمت بأني التقيتك وتكرر احساسي بالفرح وانت معي ..
ليلا ما غفوت والقلب يشتاق لاعادة القصة المجنونة ..
ليلا ما صحوت من حلم باهت ابحث عن أمنية مؤودة ..
لقد غفوت كل تلك الليالي فوق محطات الخيال انتظر قطارا لا يحملني إلا اليك ..
وقد عشت كل لحظاتي لا اشتاق الا اليك فكان شوقي كالمطر في غير اوآنه ..
وكانت ذكرياتك فيني تعرف كيف تأخذ حقها واحصاء كل البقايا الجميلة ..
لكن ليس كل ما تبعثر يمكن جمعه ..
فمازلت ومازلت ومازلت اهواك يا انقي البشر ..
لوعة حزن ..
هاهي ذا وبحماسة الباحثين عن حل ..
جاءتني تبحث عن صديق يستقبل احزانها تُثرثر له .. تنثر همومها تبعثرها امامه ..
ـــــــــــــــــــــــــــ
يقولون يبرد قلب البشر حين يموتون .. لكن اقول الآن بارد قلبها كميت .. شديد الظلملة كقبر .. حزينة هي بلا حدود .. دوماً ترنو الي الاموات ..
سحقاً أيها الحزن ماذا تركت لها ..؟
وأنت ايها الموت ماذا فعلت بها ..؟
لطالما افترضت أن يشعر المرء اذا كان الاحباء في خطر .. لكنها لم تشعر يومها بشئ عندما فارقت توءمها الحياة ..
لم تتصدع هضبة القلب .. لم تأتيها اشارة بأن الروح في خطر ..
تزلزلت كالارض عند سماع الخبر وتخيل اليها أنهم نزعوا الروح منها هي ..
ضاقت كل المعاطف التي ارتدتها لتدثرها دونها.. ولولت عدت كالمجنونة لكن الموت كان قد قال كلمته .
تناثرت كالاشلاء ما عاد هناك شئ يُقال ..
عاشت مستدفئة بالعواطف الصلبة ورأسها دوماً مطرق ودموعها تجري ..
عاشت تتمني أن تنشق الارض فتغور بها .. لكن الارض كانت رحيمة لم تنشق وتبتلعها ..
عاشت تبكي .. تعتب وتبتهل :
(الله يا الله لكم تضرعت اليك الا أبقي وحيدة وها أنت تمتحني الأن .. لتكن مشيئتك ولتكن عينك حارسة لي .. كن معي يالله ولن أكون وحيدة
ذات توبة ..
لم يكن يُصلى من قبل ..
لكنه ذات توبة دخل منزله وهو تعب ..
فجأة وجد والدته تتقيأ وكعادته لم يُبالى بذلك فقد كان قاسى القلب .. تربى على أن لا يظهر مشاعره لأحد .. رقّ قلبه لكنه لم يظهر ذلك بل طلب منها أن يذهبا الى الطبيب بعد الفحص والتدقيق اتضح أنها مصابة بأخطر الأمراض..حمل أوراق الفحص وهام على وجهه لم تحمله الأرصفة حادت به عن دروبها سلك مسلك: المقهورين .. المعذبين .. النادمين ..
بكى كما لم يبكى من قبل .. فالأسى يملا جوانحه .. تحطم القلب وسقط تناثر.
ليلتها لم ينم فى البيت وعندما عاد اتجه الى غرفتها حمل لها عصيراً وعنباً .
ربتت على كتفه فالدموع تتدافع من عينيه وهو يتحاشى النظر اليها زاغ ببصره .
خرج ليتوضأ ليتجه الى الله .
ليطلب الشفاء .. رأته الزوجة بكت بدورها دنوء الآجال .
نهض من مصلاته توجه صوب صاحبة القلب الكبير ..
لم يرى ملامحها من قبل تحسس خدها الأيمن أنه لم يلتفت الى أنها تشبهه .. كيف عاش فى وهم أنه يشبه والده الأنه رجل مثله .. ام لأنه أراد ذلك ..
خرج يدعو الله :
أيتها الأم يا أمى سامحينى .. أنا الأن أتمنى قربك أكثر من قبل قاسمينى الحياة فهى دونك لا تعنى لى شئ وإن رحلت فلتأخذى روحى لا محالة .. أيتها الأم دعوت الله لك كثيراً لتشفى ليتك تشفين سمع صدى صوت من بعيد هرول مفزوعاً من مصلاته ركض نحوها الأم تحتضر تشبث بها لا يريد أن يفارقها ليتها تبقى ..
يا موت كم أكرهك ..
يا حياة إخرجى وفارقينى ..
أيتها الكائنات شاركينى الخيبة .. قاسمينى الحزن ..
حكايتي معك ..
اليوم أحكي لكم وأستحلي الحكي..
أحكي لكم حكاية وضعت صاحبتها امام تحدٍ فى زمن ضاعت فيه كل ركائز الحياة..
تحدت به الوجود فاثبتت به لنفسها أنها خطأ..
عشقته ..
وجالسته ..
ثم تزوجته فى السر ..
لكنه تنازل عن العرش الذى هيأته له وتوجته عليه ملكاً..
ترك كل المفارش والمطايا التى هُيئت له بحجة أنه لا يريد أن يكون سلطاناً ..
يريد أن يكون من عامة الناس ..
لأنه لا يُريدها وهذا ما ادركته بنهاية المطاف ..
كانت صدمتها وجهاً لاغتراب آخر .. ففى غربتها الأولى تركت خلفها الأهل والصحاب واكتفت به لكنها الان أمام غربة دونه..
وضعتها فى تحدٍ مع الألم .. الحزن والآسي ..
أمام نفسها ..
أمام مرآة كبيرة رأت فيها كل العالم بمنظار بعيد المدى ..
كان الكل بحجمه الطبيعى إلاها فهى الوحيدة التى تقزم حجمها تذكرت حينها حكمة جدتها التى تقول:
يمكنك أن تقود الجواد الى الماء .. لكن لا يمكنك ان تجبره على الشرب ..
هذه المواجهة أعطتها بعض الشجاعة لمجابهة تحدي الالم ..
تحدي خوف كان يتمطى عبر خلاياها .. يزأر أثناء تنفسها فيندس ويزحف صامتاً لتلتقطه تلك الخلايا ..
كان يضعها كل يوم على حد مديته ويجرحها ..
ثم يعود يضعها مرة أخرى ويجرحها ..
ويصر يحمل لها نفس المدية كل يوم..
صرخت فى وجهه:
كفى لم يعُد هناك مكان لجرح آخر فقسوتك تسحق جبلاً .. أيُها الغادر لم يعد هناك بُد من الصياح..
أيها الناكر لغربتي لتضحيتي الأن جسدي مثخن باالجراح ..
رفقاً بي فكل المعاطف التى ارتديتها من تحدٍ ..
من جفاء..
لم تُعد على مقاساتي فلترحل انت أما انا فليحفظني الله ..
وغرست مديتها فى تخوم القلب تستل من تضاعيف وجهها سروراً لا مثيل له ..
فقد غاب الزوج عن عالمها ورحلت عن سجنه الى سجن فى ظنها أنه لأفضل..
ظلت تلك الزوجة المعذبة دوماً رمزاً يبرق في حمى حالة طوارئ لا تنتهي.
سدرة العمر ..
يا أغلى من نظرت اليه العين..
من ذا الذى جعل الغابة موحشة.؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كنت انت الحطاب وانا الغابة الخضراء بلآ أشجار..
وارفة الظل بلا نخيل ..
سدرة العمر بلا انتهاء..
الغابة التي أحبت الحطاب للدرجة التى جعلتها تتفن فى اختراع الفصول التى تلائم الحطاب ..
والتي جعلتها تنسف كل اشجارها لتبقى علي سدرة العمر ليجلس تحتها الحطاب ..
التى تجاهلت ضربات الفأس على أخشابها .
ظناً منها أن الفأس تنقصه الضربة التى ستقضي عليها ..
ومذ غاب الحطاب وحدها وسط الغابات كانت شتائية المنظر واللون ..
هرّت كل اوراقها .. وضاقت كل الطرقات الواسعة فيها ..
ومن حينها انتقل الخذلان الى الغابات المجاورة حيث سكنتها الذئاب..
وقد اشعل فيها الغياب من النار ما لاترغب ..
طال الغياب مما جعل النار تُضرم فيها اكثر .. حتي سمعت صوت الشجيرات تستغيث.
لم يمت الحطاب فهو تائه وسط الغابات .. ويوماً ما سيجد الطريق اليّ .