جاءني يحمل قارورة مليئة بحليب العصفور ..
تلبد المكان بغيوم أسطورية أدركت حينها أن الاستماع إلي أساطيره صار التزاما أخلاقيا تخطي حدود الإعراض وعلي الآن أن اعد مخيلتي لتبحر في بحر من الأمس البعيد ..
وحتى يصل بي إلي الحديث عن قارورته قلت :
ها وقد صرت علاء الدين وجلبت حليب العصفور فقط ينقصك مصباح سحري وتعبر بوابة التمني المستجاب ..
ومع أن إشاراتي واضحة إلا أنه طفق يتحدث عن الماضي وعبر عشرين عاما رحل بي وأنه خلال سنوات من السواد قاوم الجرح والطاعون والشدة ..
تعلم الصبر والحقد الصامت ورغم كل ذلك كان وفيا لنذره وأن يحضر لحبيبته حليب العصفور لتكن له ..
لم تكن بنت السلطان إلا أنه وقع في مخاطر الوصول إليها وقد طوق بالأسلاك الشائكة وكان لبن العصفور هو المنقذ ..
وقد جاءني وجلا هل يذهب لتقديمه لها ..
تقلصت تضاعيف وجهي ونزل علي القلب آسي مؤلم فبعد عشرين عاما لا السماء كانت فيها شفيعا له ولا الأرض كانت رخوة تحته ..
خفت علي كسوف قلبه حين يعلم أنها لم تنتظره علي حافة الدرب لقد نحرت لغيره ..
سقط _ غاب عن الوعي نهضت لأسنده _ حاول جاهدا أن يطلب الماء ولكن الكلمات قد استعصت عليه وراح يسأل عن سبب سقوطه ..
أشرت له إلي مكان الحليب المسفوح فأطرق مكسورا ..
ماكنت أدري بدقة صدقه عندما طلب مني سرد قصته لكنه قطع حيرتي وقال ..
دوما أبطالك مقطوعي الأوصال ..
مطعوني الفؤاد ..
مسلوبي السلاح ..
توخي في سردك وصولي لنهاية عادلة دون أن تسكبي حليب العصفور .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق