السبت، 26 فبراير 2011

لعـــــــنة العمـــــر ..


لا تأمني للذاكرة وتجعليها ارشيفا لذكرياتك فعمرها قصير ..
هذا ما قالته لي أم عزيز الأرملة ذات الأربعة عقود :
لا تُحسني الظن بها فهي توهمك بأنها تقوم بدور البطولة وهي الجزء الوحيد في جسدك الذي لا يخون احداثك الحلوة و المرة ويتنصل منها بينما هي مجرد صندوق يفرغه الزهايمر متي شاء ..
اشارت لي وهي تنتحب الي غرفة زوجها الذي يكبرها بخمسة عشرة عاما :
اطبق الزهايمر مصيدته علي ذاكرته بخفة وسرعة .. امتص دم الذاكرة بانيابه واضحت ذاكرته تحتاج الي دم جديد .
هجر كل عاداته كأنه ليس هو .. وانا فشلت في أن اكون مثله احدي حالات الزهايمر كي اثبت اننا مازلنا قيد الحياة واكسر قناعتي بموت ذاكرته ..
كنت أفكر بإلتهاب في الوقت الذي كانت هي تشكو اثار السنون علي جسد زوجها .. لا ادري الي اين وصلت لكني قاطعتها :
جارتي نحن نكبر والذكريات والتفاصيل القديمة تسحقها عجلة الزمن .. فكل الاشياء حولنا مع تقدم العمر تبهت ..
تصغر ..
وعقولنا التي كانت تتسع لابسط التفاصيل تضيق ..
سألتني لاهثة من ذا الذي جعلها تضيق ..؟
من ذا الذي جعلها تبهت ..؟
مسكينة أم عزيز الخاتمة التي كتبت لزوجها قد اشعلت فيها من الرفض ما لاترغب ..
قلت انا التي تاهت بي التفاصيل حتي طننت اني أصبت بدوري به وحركت قدماي راحلة عن بيت الزهايمر هذا :
انه لعنة العمراعمارنا التي خلق الله لها الدنيا واسعة .. يأتي وقت لا تعود فيه تمشي خطوات اضافية..
لا تتخيلي انها حياة بلا انتهاء هاهي النتيجة امامك :
رجل بلا احلام ..
بلا خطوات ..
بلا أمنيات ..
بلا ذاكرته التي كانت تتسع للفرح للأمان ..
تكبر الدنيا لكن نعود نصغر نحن .

ليست هناك تعليقات: